جبل أم سنمان







على بعد 100 كلم إلى الشمال الغربي من مدينة حائل، وفي وسط صحراء النفود الكبير، تقف مدينة "جُبَّة" التي تبلغ مساحتها حوالي 12.500 كلم²، كأحد أهم المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، فهي بمثابة متحفٍ مفتوح للفنون الصخرية، تحوي صخوره الكثيرَ من الرسوم متنوعة المواضيع، والكتابات التي تحكي قصة الإنسان القديم، وهي تعود لفتراتٍ حضارية مختلفة، ويمكن تقسيم الفترات التي احتوتها الواجهاتُ الصخرية في جبة إلى أربع فترات: • الفترة الأولى: عُرفت رسومها باسم (نمط جُبَّة المبكر)، ويعود هذا النمط لأكثر من ١٠ آلاف عام، وأبرز رسوماتها هي الأشكال الآدمية والحيوانية المكتملة والمرسومة بأحجامها الطبيعية. • الفترة الثانية: عُرفت بالفترة الثمودية، ويعود نمط رسومها ونقوشها إلى ما بين ١٥٠٠ و٢٥٠٠ عام، وتتميز تِلك الفترة برسم الإنسان والحيوان، وخصوصًا الجِيَاد والجِمال، ومناظر صيد طائر النعام، وبعض مِن شجر النخيل، وعدد لا بأس به من النقوش الكتابية الثمودية. • الفترة الثالثة: عُرفت بالفترة العربية، وتميزت رسوماتها برسم الإنسان والوعول والخيول بأحجامٍ تبدو أصغر بكثير من حجمها الطبيعي. • الفترة الرابعة، والمكتشَفة حديثًا: هي آخر فترات الاستيطان القديم في هذه المنطقة، وقد عُرفت بالفترة الإسلامية، وتميزت بالكتابات الكُوفيَّة الإسلامية غير المُنقَّطة وغير الممدودة، وهي في مجملها عبارة عن آياتٍ قرآنية وأدعية. وقد كانت جُبَّة مركزًا حيويًّا للتبادل الثقافي والاجتماعي منذ عصور ما قبل التاريخ، وكانت بالقرب منها بحيرةٌ كبيرة تحيط بها مخابئ صخرية يَكمُن فيها الصيادون. أحد أبرز معالم جبة هو جبل "أُم سنْمَان"، الذي سُمِّي نسبةً إلى شكله الذي يشبه الناقة ذاتَ السنامَين وهي مستقرة على الأرض، ولم يكن هذا الجبل مجرد مَعلم طبيعي فحسب، بل كان أيضًا ملاذًا حصينًا للعرب في عصر ما قبل الإسلام، يلجؤون إليه طلبًا للأمان في الصحراء. وهو سجلٌّ حي للنقوش التي توثق تطور حياة الإنسان والحيوان في هذا الموقع، ويمكن تقسيم وجودهما فيه إلى فترتين: الأولى تعود إلى الألف السابع قبل الميلاد، وتُظهر أشكالًا آدمية مكتملة بأذرُعٍ رفيعة وأجسادٍ مكتنزة، فضلًا عن رسوم لبعض الحيوانات، كالإبل والخيول البرية والوعول وكلاب الصيد، والفترة الثانية تعود إلى العصر الثمودي، وتمتاز بنقوشٍ تمثِّل مشاهد استئناس الجِمال، حيث تُظهر المحاربين وهم يمتطون ظهورها حاملين الحِراب، كما تمتاز برسوم الوعول والفهود وأشجار النخيل، إضافةً إلى بعض الأشكال الرمزية. وبحلول عام 2015، تم تسجيل جبل أم سنمان ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في اليونسكو، ليحتلَّ مكانةً مرموقة بين المواقع الأثرية العالمية، ويكون نافذةً مطلَّة على تاريخ وثقافات العصور القديمة.

